للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: هذا لا ينافي ما ذكرنا، فيجوز أن يقصد المعنيين، ولكنه في الأول أظهر وأليق بمراد البخاري؛ لأن القول بنفي الحكمة في خلق الله وفعله، ظاهر البطلان.

قال البخاري: " الفعل إنما هو إحداث الشيء، والمفعول هو الحدث؛ لقوله تعالى: {خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} (١) .

قلت: يريد بذلك التفريق بين ما هو صفة لله تعالى، وبين ما هو مفعول له مخلوق.

وقال الراغب: " أصل الحق: المطابقة والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقه لدورانه على استقامة، والحق يقال على أوجه:

الأول: يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في الله -تعالى- هو الحق، قال -تعالى-: {ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ} (٢) ، {فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (٣) .

الثاني: يقال لما وجد بمقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله -تعالى- كله حق، قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ} (٤) .

الثالث: الاعتقاد المطابق لما عليه الشيء في نفسه، كما في الحديث: " ووعدك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق"، قال الله -تعالى-: {هَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} (٥) .


(١) "خلق أفعال العباد" (ص٢١٠) ضمن "العقائد السلفية".
(٢) الآية ٦٢ من سورة الأنعام.
(٣) الآية ٣٢ من سورة يونس.
(٤) الآية ٥ من سورة يونس.
(٥) الآية ٢١٣ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>