للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ليس هؤلاء من أهل التوحيد، هؤلاء زنادقة، من زعم أن القرآن مخلوق، فقد زعم أن الله مخلوق، يقول الله – تعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم، فالله لا يكون مخلوقاً، والرحمن لا يكون مخلوقاً، والرحيم لا يكون مخلوقاً، وهذا أصل الزندقة، من قال هذا فعليه لعنة الله)) (١) .

قال شيخ الإسلام: ((القول بأن القرآن مخلوق معناه أن الله لم يصف نفسه بالكلام أصلاً، بل حقيقته أن الله لم يتكلم، كما أفصح به رأسهم الأول، الجعد بن درهم، حيث زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، لأن الخلة إنما تكون من المحبة، وعنده أن الله لا يحب شيئاً في الحقيقة، ولا يحبه شيء في الحقيقة، فلا يتخذ شيئاً خليلاً.

وكذلك الكلام يمتنع عنده على الرب – تعالى – وكذلك نفت الجهمية والمعتزلة وغيرهم أن يكون لله كلام قائم به، أو إرادة قائمة به، وادعوا ما باهتوا به صريح العقل المعلوم بالضرورة، أن المتكلم يكون متكلماً بكلام يكون في غيره.

وقالوا أيضاً: يكون مريداً بإرادة ليست فيه، ولا في غيره، أو الإرادة وصف عدمي، أو ليست غير المرادات المخلوقة، وغير الأمر، وهو الصوت المخلوق في غيره.

فكان حقيقة قولهم التكذيب بحقيقة ما أخبرت به الرسل، من كلام الله ومحبته ومشيئته، وإن كانوا قد يقرون بإطلاق الألفاظ التي أطلقها الرسل [تستراً] وهذا حال الزنادقة، والمنافقين)) (٢) .

والبخاري – رحمه الله – أراد بهذا الباب الرد على هؤلاء ونحوهم، الذين


(١) ((خلق أفعال العباد)) (٢٩-٣٠) .
(٢) التسعينية (ص٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>