للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: ((إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة)) (١) .

واتفق العلماء على أن المصلي إذا تكلم في الصلاة عامداً لغير مصلحتها بطلت صلاته، كما اتفقوا على أن ما يقوم بالقلب من تصديق بأمور دنيوية وطلب لها، وما أشبه ذلك لا يبطل الصلاة، وإنما يبطلها الكلام الملفوظ به، فعلم بذلك بطلان قول من يجعل كلام الله معنى قائماً بالنفس.

وفي الحديث المتفق عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم، أو تعمل)) (٢) ففرق بين حديث النفس، فجعله معفواً عنه، وبين الكلام، فدل على أن حديث النفس لا يسمى كلاماً حتى ينطق به ويتلفظ به، وهذا باتفاق من يعتد بقوله من العلماء.

وعلى كل فإنكار كلام الله ضلال وكفر، وإنكار للرسالة، والشرع؛ لأن الشرع أمر، ونهي، فإذا لم يكن الله يأمر وينهى، فليس له شرع ولا رسالات، وقد أوجد هذا القول لهدم الإسلام، والعلماء عرفوا ذلك، ولهذا يقول الإمام البخاري في مبدأ كتابه ((خلق أفعال العباد)) : باب: ما ذكر أهل العلم للمعطلة الذين يريدون أن يبدلوا كلام الله – عز وجل -، ثم روى، عن عبد الله بن إدريس، أن رجلاً جاء إليه، فقال: يا أبا محمد، ما تقول في قوم يقولون: القرآن مخلوق؟ فقال: أمن اليهود؟ قال: لا، قال: فمن النصارى؟ قال: لا، قال: فمن المجوس؟ قال: لا، قال: ممن ... ؟ قال: من أهل التوحيد.


(١) رواه أبو داود (١/٥٦٧) ، والنسائي (٣/١٩) ، والإمام أحمد (١/٤٠٩، ٤١٥، ٤٣٥) .
(٢) انظر ((الفتح)) (٥/١٦٠) ، ومواضع أخر، ولكن بلفظ: ((ما وسوست به صدورها)) ، ومسلم (١/١١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>