للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار، فلا فائدة في العمل، والاجتهاد، فإنه لا بد من حصول المكتوب، فأجابهم عن ذلك بقوله: ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له)) ، يعني: أن الذي كتب من أهل الجنة سوف يهيئ الله له أسباب عمل أهل الجنة، وييسرها له فيعملها، فتكون سبباً لدخوله الجنة. وكذلك الذي كتب من أهل النار، لابد أن يعمل عملاً يستحق به دخول النار، وقد أوضح ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – إيضاحا تاما.

ففي سنن أبي داود، والترمذي، أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – سئل عن هذه الآية: {وَإِذ أَخَذَ رَبُكَ مِن بَنِي آَدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِيَّتَهُم} ؟ فقال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سئل عنها فقال: ((إن الله – عز وجل – خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون)) .

فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله – عز وجل – إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله به النار)) (١) .

وفي ((صحيح مسلم)) عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين


(١) انظر ((السنن)) لأبي داود (٥/٧٩-٨٠) ، والترمذي (٥/٢٦٦) رقم (٣٠٧٥) وقال: حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر. ورواه الإمام أحمد في ((المسند)) (١/٤٤، ٤٥) ، وابن وهب في ((كتاب القدر)) (ص٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>