قوله:((فيعرفونهم في النار، بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود؟ حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود)) وهذا أيضاً صريح وواضح في أنهم كانوا يصلون، ويسجدون لله - تعالى – ويعبدونه وحده.
وأثر السجود هي الأعضاء التي يسجد عليها، وهي: الجبهة والأنف، وبطون الكفين، والركبتان، وأطراف القدمين.
وفي هذا دليل على فضل السجود لله - تعالى – وهو من آيات الله تعالى الدالة على قدرته الباهرة، حيث تأكل النار جسم ابن آدم إلا هذه المواضع المختلفة في البدن، فإنها لا تضرها، ولا تغيرها؛ لأن الله حرمها عليها، والنار لا تأكل إلا ما أمرها الله بأكله.
قوله:((فيخرجون من النار قد امتحشوا)) امتحشو: يعني احترقوا، وقد استدل بهذه الجملة من يقول: إنهم يموتون في النار، وقيل: إنهم لا يموتون، فالله أعلم.
أما قوله:((فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون تحته، كما تنب الحبة في حميل السيل)) فالمراد: نبات لحومهم وغيرها التي أحرقتها النار، ولا يلزم من ذلك أنهم ماتوا، وفارقتهم الحياة، بل الظاهر أنهم بقوا أحياء يذوقون العذاب، جزاء لإجرامهم، وسيأتي أنهم يموتون موتاً حقيقيًّا، فالله أعلم.
وماء الحياة، جاء تفسيره بأنه نهر من أنهار الجنة، وسيأتي في حديث أبي سعيد: أنهم يلقون في ذلك النهر، ثم ينبتون على حافتيه.
((والحبة)) هي: البذرة التي ينبت منها الزرع وغيره.
وحميل السيل هو: ما يحمله من الغثاء، ويلقيه على جوانب الوادي، والنبات يكون فيه أسرع، وأقوى؛ لما فيه من الأسمدة.
قوله:((ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار)) يعني: أنه أخرج من النار