للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال: ((لو أوتيت مثل ما أوتي هذا فعلت كما يفعل)) . قال البخاري – رحمه الله -: ((فبين أن قيامه بالكتاب هو فعله)) .

وذكر ما ذكره هنا في كتابه ((خلق أفعال العباد)) بنصه (١) ، ثم ذكره بسنده، قال ابن المنير: ((ثبت عن البخاري أنه قال: من نقل عني أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق، فقد كذب، وإنما قلت: إن أفعال العباد مخلوقة، قال: وقد قارب الإفصاح في هذه الترجمة بما رمز إليه في التي قبلها)) (٢) .

قوله: ((وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} .

أي: من الدلالات الواضحة على وحدانية الله، ووجوب عبادته، ورجوعكم إليه للحساب والجزاء، وأن الأمر والملك كله له، خلق السماوات والأرض، وما فيهما من العجائب، والآيات الدالة على الله، ومن ذلك اختلاف ألسنتكم، أي: أصواتكم بحيث لا يلتبس صوت واحد بآخر على كثرتهم، وكذا اختلاف اللغات، واختلاف الألوان، فهذا بشرته بيضاء، وهذا سوداء، وبين ذلك.

والمقصود أن إضافة الألسنة إلى الناس يدل على أنها أعمالهم وأوصافهم، فإذا قرأ القارئ كلام الله – تعالى – فالصوت صوت القارئ، والكلام كلام الباري.

فكما أن الألوان صفتهم، فكذلك النطق، والتكلم، والتصويت.

قال في ((خلق أفعال العباد)) ، بعد أن ذكر هذه الآية: ((فمنها العربي، ومنها العجمي، فذكر اختلاف الألسنة والألوان، وهو كلام العباد)) .


(١) (ص١١٨) تحقيق عميرة و (ص١٩٦) بدر.
(٢) ((الفتح)) (١٣/٥٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>