للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: ((وقد قال جماعة من الأئمة: إن هذا الموضع من الحديث مقلوب، وجزم ابن القيم بأنه غلط، واحتج بأن الله – تعالى – أخبر بأن جهنم تمتلئ من إبليس وأتباعه من بني آدم، وكذا أنكر الرواية شيخنا البلقيني، واحتج بقوله: {وَلاَ يَظلِمُ رَبُكَ أَحَدَا} . ثم ذكر تأويلات بعيدة جداً، بل باطلة، ثم قال: ((وفي الحديث دلالة على اتساع الجنة والنار، بحيث تسع كل من كان، ومن يكون إلى يوم القيامة، وتحتاج إلى زيادة، وقد تقدم أن آخر من يدخل الجنة يُعطى مثل الدنيا عشر مرات.

وقال الداودي: يؤخذ من الحديث أن الأشياء توصف بغالبها؛ لأن الجنة يدخلها غير الضعفاء، والنار قد يدخلها غير المتكبرين، وفيه رد على من حمل قول النار: {هَلْ مِن مَّزِيد} على أنه استفهام إنكار، وأنها لا تحتاج إلى زيادة)) (١) .

وقال شيخ الإسلام: ((قوله: وأما الجنة، فيبقى فيها فضل، فينشئ الله لها خلقاً فيسكنهم)) : ((ووقع في بعض طرق البخاري غلط، قال فيه: ((وأما النار فيبقى فيها فضل)) ، والبخاري رواه في سائر المواضع على الصواب؛ ليبين غلط هذا الراوي، كما جرت عادته بمثل ذلك، إذا وقع من بعض الرواة غلط في لفظ، ذكر ألفاظ سائر الرواة التي يعلم بها الصواب، وما علمت وقع فيه غلط إلا وقد بين فيه الصواب)) (٢) .

وقال ابن القيم: ((وأما اللفظ الذي وقع في ((صحيح البخاري)) في حديث أبي هريرة: ((وأنه ينشئ للنار من يشاء، فيلقى فيها، فتقول: هل من مزيد)) فغلط من بعض الرواة، انقلب عليه لفظه، والروايات الصحيحة ونص القرآن يرده، فإن الله سبحانه أخبر أنه يملأ جهنم من إبليس وأتباعه،


(١) ((الفتح)) (١٣/٤٣٧) .
(٢) ((منهاج السنة)) (٣/٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>