الشهر الحلال ويسمونه محرماً؛ ليتفق ذلك مع عدة ما حرم الله - تعالى- من الأشهر؛ لأن توالى ثلاثة شهور محرمة يطول عليهم، ففعلوا ذلك لأجل قتال أعدائهم، ولغير ذلك من أغراضهم.
وفي السَّنة التي حج فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - اتفق أن الأشهر الثلاثة كلها محرمة، لأنها السَّنة التي كانوا يحرمون القتال في محرم على ما هو عليه، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض)) أي: رجع تحريم الأشهر الحرم في حساب المشركين وعملهم متفقاً مع حكم الله وشرعه، فقد جعل الله السَّنة اثني عشر شهراً، منها أربعة حرم، يحرم القتال فيها، والظلم فيها أعظم منه في غيرها.
قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس، ((كان جنادة بن عوف بن أمية الكناني، يوافي الموسم في كل عام، وكان يُكْنَى أبا ثمامة، فينادي: ألا إن أبا ثمامة لا يجاب ولا يعاب، ألا إن محرم العام الأول هذا العام حلال، فيحله الناس، فيحرم صفر عاماً ويحرم المحرم عاماً)) .
قال شاعرهم - وهو عمير بن قيس الذي يقال له: جذل الطعان - يفتخر بذلك:
لقد علمت معدُّ بأن قومي ... كرام الناس إن لهم كراما
ألسنا الناسئين على معد ... شهور الحل نجعلها حراما
فأى الناس لم ندرك بوتر ... وأي الناس لم نعلك لجاما
وقوله:((ورجب مضر)) إضافة إليهم؛ لأنهم كانوا متمسكين بتعظيمه وحرمة القتال فيه، أكثر من غيرهم، وكان بعض العرب يعمل فيه ما يعملونه في محرم حسب حاجتهم إلى القتال.
وقوله:((الذي بين جمادى وشعبان)) تأكيد لتعريفه، ونَص عليه.
والمراد بالزمان في قوله:((إن الزمان قد استدار)) : السَّنة: