٤ – ((ولأن الموانع من الرؤية لا تختص بشيء تصح رؤيته دون شيء، وهي القرب المفرط، والبعد المفرط، والحجاب، واللطافة، والرقة، وأن يكون المرئي في غير جهة محاذاة الرائي، أو يكون حالاً فيما هذا سبيله، فإذا زالت هذه الموانع، وجب أن يُرى ما صحت رؤيته)) (١) والحجاب عندهم مستحيل على الله، كما تقدم.
فهذه جملة من أدلة هذه الفرقة، التي يسمونها براهين، إذا تأملها العاقل وجدها مبنية على قياس رب العالمين على المخلوق، وتحكيم الآراء، ولهذا ذهبت هيبة الله وعظمته من قلوبهم، واستخفوا بكتابه، فاجتهدوا في تحريف معانيه وصرفه عما قصد به.
والمقصود ذكر بعض أدلتهم العقلية – كما يقولون – وهي في الحقيقة شبه داحضة، وضلالات بينَّة لمن عرف الحق.
وهم لا يقبلون أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وإن كانت أسانيدها في غاية الصحة والجودة، ويقبلون قول فلان وفلان؛ لأنهم يزعمون أن ذلك براهين عقلية.
فقوله:((إن لله لا يرى بالبصر، لا لحجاب يحجبه، أو مانع يمنع رؤيته، لكن لأن رؤيته مستحيلة)) فيقال له: هذا مجرد دعوى غير مقبولة، وهو في مقابلة قول الله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {٢٢} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ.}
وقوله في المعذبين:{كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} .
وقوله تعالى:{للَّذينَ أَحسَنُواْ الحُسنَى وَزِيَادَةُ} وفسر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم، ((كما في صحيح مسلم)) ، وهو أيضا مصادم لقول