للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن عكرمة: ضجوراً، وقال الضحاك: بخيل منوع للخير، جزوع إذا نزل به البلاء)) (١) .

وقال الفراء: ((الهلوع: الضجور، وصفته كما قال الله – تعالى: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا {٢٠} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} فهذه صفة الهلوع. ويقال منه: هلع، يهلع هلعاً، مثل جزع، يجزع جزعاً)) (٢) .

وقال المبرد: ((الهلع: من الجبن عند ملاقاة الأقران، يقال: نعوذ بالله من الهلع. ويقال: رجل هلوع، إذا كان لا يصبر على خير، ولا شر، حتى يفعل في كل واحد منهما غير الحق، قال تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا {١٩} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا {٢٠} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (٣) .

وكل هذه الأقوال متفقة في المعنى، والمعنى: أن هذه الأوصاف المذكورة خلقت في الإنسان، ولكنها فعله الذي يصدر منه عن إرادته، فيلام عليها أو يثنى عليه بها، فهو ضجور غير ثابت، قليل الصبر، ومنوع هلوع، فإذا أصابه الخير منع، وإذا وقع في شدة جزع، وذلك كله فعله المضاف إليه فعلاً له على الحقيقة، والله خلقه على ذلك، فدل هذا على أن الله – تعالى – خالق أفعال الإنسان كما أنه خالقه.

قال الحافظ: ((مقصود البخاري: أن الصفات المذكورة بخلق الله – تعالى – في الإنسان، لا أن الإنسان يخلقها بفعله)) (٤)


(١) ((تفسير الطبري)) (٢٩/٧٨) .
(٢) ((معاني القرآن)) (٣/١٨٥) .
(٣) ((الكامل)) (٣/١٠٩٢) .
(٤) ((الفتح)) (١٣/٥١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>