ثم قال:((فيمكن أن تكو هي الصلاة التي عين البراء بن عازب أنها العشاء، ويقوي ذلك أنا لا نعرف في خبر أنه قرأ بالتين، إلا في حديث البراء بن عازب، ثم حديث زرعة المذكور)) (١) .
وفيه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقرأ في الصلاة أحيانا بقصار المفصل.
وفيه استحباب تحسين الصوت بالقرآن في الصلاة وغيرها.
والمقصود قوله:((فما سمعت أحدا أحسن صوتا – أو قراءة – منه)) فجعل الصوت والقراءة له، فدل على أن الصوت والقراءة ليست هي المصوت به، المقروء، وهو واضح، والإمام البخاري – رحمه الله – يكرر ذلك، وينوع عليه الأدلة؛ لأنه قد خفي على بعض العلماء، ولأنه قد ابتلي بمن يقول: إن القراءة هي المقروء، والتلاوة هي المتلو، ونسب إليه زورا أنه يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، وهو برئ من ذلك.
١٧١- قال:((حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – متواريا بمكة، وكان يرفع صوته، فإذا سمع المشركون سبوا القرآن، ومن جاء به، فقال الله – عز وجل – لنبيه:{وَلاَ تَجهَر بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِت بِهَا} .
تقدم شرح هذا الحديث، والشاهد منه هنا: قوله: ((يرفع صوته، فإذا سمع المشركون سبوا القرآن)) وقوله: {وَلاَ تَجهَر بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِت بِهَا وَابتغِ بَينَ ذَلِكَ سَبِيلاً} ويعني بالصلاة: القراءة، فالصوت له – أي للقارئ – ورفعه وخفضه وصف للصوت، وهو الذي إن شاء رفعه، وإن