للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول - صلى الله عليه وسلم – لعمر: إن هذه الأحرف التي سمعتها من هشام نزلت بعد ما قرأت هذه السورة، ولكنه قال بعد ما سمع قراءة كل واحد منهما: ((كذلك أنزلت)) ، فتبين أن كلا من الحروف التي قرأها هشام، والحروف التي قرأها عمر، نزلت من عند الله.

وليس في قراءة هشام زيادة عما عند عمر في الآيات، وإنما هناك اختلاف في الحروف فقط، ومن أجل ذلك قال لكل واحد منهما بعد ما سمع قراءته: ((كذلك أنزلت)) ويوضح ذلك قوله: ((إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه)) أي: لا تتكلفوا التزام حرف واحد، فإن الله – تعالى – قد أوسع عليكم، ويسر لكم قراءة القرآن على سبعة أحرف، رحمة منه وفضلاً، فله الحمد والمنة.

قال الجزري: ((نزل القرآن على سبعة أحرف؛ للتخفيف على هذه الأمة واليسر بها، والتهوين عليها؛ شرفا لها وتوسعة ورحمة؛ لأن العرب الذين نزل القرآن بلغاتهم، لغاتهم مختلفة، ويعسر على أحدهم انتقاله من لغته إلى غيرها، بل قد يكون بعضهم لا يقدر على ذلك، ولا بالتعليم والعلاج، ولا سيما الشيخ والمرأة الكبيران، ومن لا يقرأ كتاباً، كما أشار إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: ((بعثت إلى أمة أميين، فيهم الشيخ الفاني، والعجوز الكبيرة)) (١) .

ومعنى الحرف كما قال أهل اللغة: حرف كل شيء طرفه وحافته، وأحد حروف التهجي، كأنه قطعة من الكلمة (٢) .

وقد اختلف العلماء في تعيين الحروف السبعة اختلافاً كثيراً، وأشكل ذلك على كثير من العلماء.


(١) النشر (١/٧١-٧٢) ملخصاً.
(٢) سيأتي معنى الحرف أيضا في كلام ابن قتيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>