للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن السميفع، ويطلق المفتاح على ما كان محسوساً مما يحل غلقاً، كالقفل، وعلى ما كان معنوياً، كما جاء في الحديث الذي صححه ابن حبان: "إن من الناس مفاتيح للخير" الخ (١) .

قوله: "مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمها إلا الله"، قد بين هذه الخمس، بأنها: ما يغيض من الأرحام - أي ما ينقص-، وما يكون في الغد من الحوادث والأعمال وغيرها، ومجيء المطر، والمكان الذي يموت به الإنسان، ووقت مجيء الساعة.

وعبر عن هذه الأمور الخمسة بالمفاتيح، لتقريب الأمر من السامع=؛ لأن كل شيء جعل بينك وبينه حجاب، فقد غيب عنك، والتوصل إلى معرفته في العادة من باب الحجاب، فإذا كان المفتاح الذي لا يمكن الوصول إلى ما في داخل الحجاب إلا بمعرفته لا يعلم، فكيف بما في داخل الحجاب؟

ودل الحديث على أن هذه الأمور ليست هي الغيب، وإنما هي منه؛ وأن علم الغيب من خصائص الله تعالى.

وأما ما جاء عن الأنبياء من الأخبار ببعض المغيبات، كإخبار الرسول -صلى الله عليه وسلم - بما يقع بعده من الفتن؛ والفتوح على أمته؛ وبعض أشراط الساعة، وكإخبار عيسى -عليه السلام- بما يأكله بنو إسرائيل، وما يدخرونه في بيوتهم، ونحو ذلك، فإن هذا مما استثناه الله تعالى بقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا {٢٦} إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا {٢٧} لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ} (٢) ، وهو من معجزاتهم التي تدل على صدقهم.


(١) "فتح الباري" (٨/٢٩١) .
(٢) الآيات ٢٦-٢٨ من سورة الجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>