ثم قال للذي في شماله:((هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار، وأسماء آبائهم، وقبائلهم، وأجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً)) .
فقال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله؟ إن كان الأمر قد فرغ منه؟
فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((سددوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار، وإن عمل أي عمل)) .
ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بيديه، فنبذهما، ثم قال:((فرغ ربكم من العباد، فريق في الجنة، وفريق في السعير)) (١) .
والأحاديث في هذا كثيرة، ففي ذلك أن الله – تعالى – علم أهل الجنة وكتبهم، وأرادهم كوناً من أهلها، وكذلك أهل النار، قبل وجودهم بزمن طويل جداً، وقبل أن يعملوا ما يستحقون عليه دخول الجنة أو النار، وهذا من كمال علم الله – تعالى -، وهو مما يجب الإيمان به، وقد نص الأئمة على كفر من جحده.
قال اللالكائي: ((روي عن مالك بن أنس، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن العنبري: يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا.
وعن سعيد بن جبير: القدرية يهود، وعن الشعبي: القدرية نصارى.
وعن نافع مولى ابن عمر: القدرية يقتلون، وحكى المزني عن الشافعي: أنه كفرهم، وعن إبراهيم بن طهمان: القدرية كفار.
(١) رواه الترمذي (٤/٢٤٩) ، وابن وهب في كتاب القدر (٨٣-٨٧) والآجري في الشريعة (ص١٧٣) ، وابن جرير في ((التفسير)) من طريق ابن وهب (٢٥/٩) ، وهذان الكتابان اللذان أخذهما رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليسا هما الكتابان اللذان كتب الله فيهما أسماء أهل الجنة وأهل النار، وإنما ذلك تمثيل من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتقريب إلى أفهام الناس بأن الله – تعالى – علم كل شيء مما سيكون وما يصير إليه العباد، وكتبه تأكيداً لعلمه تعالى، فلا يتغير ولا يتبدل.