فقد أخبر، أن الكلمة تخرج من أفواهم، ومع هذا فلم تفارق ذاتهم (١) .
فالقرآن كلام الله، ويحفظ في القلوب، كما يحفظ الكلام، ومذكور بالألسنة كما يذكر الكلام بالألسنة، وهو مكتوب في المصاحف، والأوراق، كما أن الكلام يكتب في الكتاب والورق.
والكلام هو مجموع اللفظ والمعنى، فاللفظ يطابق المعنى ويدل عليه.
ولا يجوز أن يقال: إن القرآن محفوظ، كما أن الله معلوم، وهو متلو، كما أن الله مذكور، ومكتوب، كما أن الرسول مكتوب، فهذا خطأ، وضلال.
فليس وجود الأعين القائمة بأنفسها، كوجود العبارة الدالة على المعنى المطابق لها، والفرق ظاهر بين قوله تعالى:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ {٢١} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} ، وقوله:{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ {٧٧} فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} ، وبين قوله تعالى:
{وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} فإن القرآن، لم ينزل على نبي قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - وإنما الذي في زبر الأولين ذكره، والخبر عنه، كما أن محمداًً - صلى الله عليه وسلم - مكتوب عندهم في التوراة، والإنجيل فالله ورسوله معلوم بالقلوب، مذكور بالألسنة مكتوب في المصحف، كما أن القرآن معلوم لأهل الكتاب قبلنا، مكتوب عندهم، وذلك ذكره والخبر عنه.
ولكن الذي في المصحف عندنا، هو نفس القرآن.
ولهذا يجب أن يفرق بين قوله تعالى:{وَكُلُّ شَيءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبرِ} وبين قوله تعالى: {وَكِتَابٍ مَّسطُورٍ {٢} فِي رَقٍ مَّنشُورٍ} فإن كون الأعمال