للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله – تعالى – لنوح – عليه السلام -: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ} (١) ، وقال تعالى: {وَيَصنَعُ الْفُلْكَ} (٢) ، وقد أخبر – تعالى – أن الفلك مخلوقة من مخلوقاته، مع كونها مصنوعة لبني آدم، وجعلها، من آياته، فقال تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (٣) ، وقال تعالى: {أ َلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} (٤) ، وقال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} (٥) ، وقال تعالى: {قَالَ أَتَعبُدُونَ مَا تَنحِتُونُ {٩٥} وَاللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعمَلُونَ} . فجعل الأصنام معمولة لهم، وأخبر أنه خالقهم، وخالق معمولهم، فإن ((ما)) ها هنا بمعنى الذي، والمراد: خلق ما يعملونه من الأصنام، وإذا كان خالقاً للمعمول، وفيه أثر فعلهم، دل على أنه خالق لأفعال العباد.

وأما قول من قال: إن ((ما)) مصدرية فضعيف جداً (٦) .

وفي قوله تعالى: {قَالَ أَتَعبُدُونَ مَا تَنحِتُونُ {٩٥} وَاللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعمَلُونَ} تنبيه لعبَّاد الأصنام، على فساد ما صاروا إليه من عبادتها، مع نحتهم إياها بأيديهم، فكيف تعبدون أصناماً تعملونها بأيديكم؟ والله خالقكم وما تعملونه، فأوجدكم، بعد أن لم تكونوا شيئاً، وخلق لكم ما تصلح به حياتكم، وخلق ما تنحتونه، فهو الخالق لكل شيء، فالواجب عليكم أن تعبدوه، وحده لا شريك له، فهو المتفرد بالخلق، والمالك لكل شيء، فمن


(١) الآية ٣٧ من سورة هود عليه السلام.
(٢) الآية ٣٨ من سورة هود عليه السلام.
(٣) الآية ٤١ من سورة يس.
(٤) الآية ٦٥ من سورة الحج.
(٥) الآية ١٢ من سورة الزخرف.
(٦) ((مجموع الفتاوى)) (٨/١٦-١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>