للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره، وأنه خلقه، بقدر قدره وقضاه، فلا يتعداه ولا يقتصر دونه، فيدخل في هذا العموم أفعال العباد، فهي داخلة في خلقه وتقديره.

قال ابن جرير: ((يقول – تعالى ذكره -: إنا خلقنا كل شيء بمقدار قدرناه وقضيناه، وفي هذا بيان، أن الله – جل ثناؤه – توعد هؤلاء المجرمين، على تكذيبهم بالقدر، مع كفرهم به. ثم روى عن ابن عباس أنه كان يقول: إني أجد في كتاب الله قوماً يسحبون في النار على وجوههم، يقال لهم: {ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ} ؛ لأنهم كانوا يكذبون بالقدر، وإني لا أراهم، فلا أدري: أشيء كان قبلنا، أم شيء فيما بقي؟ (١) .

وذكر آثاراً بهذا المعنى.

وقال ابن كثير: ((وقوله: {إنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقنَاهُ بِقَدَرٍ} ، كقوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقدِيراً} ، وكقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى {١} الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى {٢} وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} أي: قدر قدراً، وهدى الخلائق إليه، ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله، السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته لها قبل برئها، وردوا بهذه الآية وبما شاكلها من الآيات، وما ورد في معناها، من الأحاديث الثابتة، على الفرقة القدرية، الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة)) (٢) ثم ذكر جملة من الأحاديث المثبتة للقدر، والتي فيها وعيد من أنكره.

قوله: (( (ويقال للمصورين: أحيوا ما خلقتم)) .

يقال لهم ذلك يوم القيامة، تبكيتاً وتعذيباً لهم، بتكليفهم ما لا يقدرون عليه، حيث كانوا في الدنيا، يضاهئون الله فيما يختص به، وهو الخلق


(١) ((تفسير الطبري)) (٢٧/١١) .
(٢) ((تفسير ابن كثير)) (٣/٤٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>