للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((فرجعنا إليه فقلنا له، فقال: لست أنا أحملكم، ولكن الله حملكم)) هذه الجملة من الحديث هي محل الشاهد، فإن الله – تعالى – هو المتصرف في عباده، وعملهم يقع بخلقه – تعالى – ومشيئته، فكما أنه – تعالى – خالق العبد، فهو خالق أفعاله.

ولهذا أسند النبي – صلى الله عليه وسلم – حملهم إلى الله، مع أنه الذي أعطاهم الإبل؛ لأن إعطاءهم إياها، بعد إرادة الله وخلقه.

((وقال الماوردي: معناه: أن الله – تعالى – آتاني ما أحملكم عليه، ولولا ذلك لم يكن عندي ما أحملكم عليه (١) .

قال الحافظ: ((المراد منه نسبة الحمل إلى الله – تعالى – وإن كان الذي باشر ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – فهو كقوله: {وَمَا رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَ اللهَ رَمَى} (٢) .

((إني والله، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيراً منها، إلا أتيت الذي هو خير منه وتحللتها)) ، في هذا دلالة، على أن من حلف على فعل شيء أو تركه، فرأى أن مخالفة يمينه، خير له في دينه أو دنياه، فإن المشروع في حقه أن حقه أن لا يمضي في يمينه، بل يفعل الذي هو خير، ويكفر عن يمينه.

*****

١٨٠- قال: ((حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا قرة بن خالد، حدثنا أبو جمرة الضبعي، قلت لابن عباس: فقال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: إن بيننا وبينك المشركين من مضر، وإنا لا نصل إليك إلا في أشهر حرم، فمرنا بجمل من الأمر، إن عملنا به دخلنا الجنة، وندعو إليها من وراءنا،


(١) ((شرح مسلم)) للنووي (١١/١١٠) .
(٢) ((الفتح)) (١٣/٥٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>