للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: كانت سنة الوفود، وكان عددهم أربعين رجلاً (١) وذكر أدلة ذلك.

ومضر أبو القبيلة المشهورة، وهو مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

((فقالوا: إن بيننا وبينك المشركين من مضر)) يعني: أن بلادهم بعيدة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وفي طريقهم إليه المشركون الذين هم أعداء لهم، فإذا تمكنوا منهم قتلوهم، وهم بحاجة إلى التعلم من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولهذا قالوا: ((فمرنا بجمل من الأمر)) وفي الرواية الأخرى: ((بأمر فصل)) أي: بين جامع، لا نحتاج معه إلى غيره، وفاصل بين الحق والباطل، ولهذا قالوا: إن عملنا به دخلنا الجنة.

((وندعو إليها من وراءنا)) أي: الأوامر التي تأمرنا بها، نعمل بها، وندعو قومنا إلى العمل بها.

((وإنا لا نصل إليك إلا في أشهر حرم)) دليل على تعظيم الأشهر الحرم، حتى عند المشركين، حيث لا يتعرضون لأعدائهم في الأشهر الحرم.

وقد نوه الله – تعالى – عن حرمتها في كتابه، حين قال: {مِنهَا أَربَعَةُ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِينُ القَيِّمُ فَلاَ تَظلِمُواْ فِيهنَّ أَنفُسَكُم} .

((قال: آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع)) أي: أربع جمل، كما في سؤالهم، أو أربع خصال ((آمركم بالإيمان بالله)) ثم فسر ذلك بقوله: ((وهل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله)) أي: أن تشهدوا أن الله هو الإله الحق، المستحق أن يؤله، ويعبد وحده، وأن تفعلوا ذلك مخلصين له التألة، وأن تشهدوا أن كل مألوه غيره باطل وضلال، من توجه إليه بالعبادة، فهو


(١) ((الفتح)) (٨/٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>