للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهلوا معاني الكتاب، وأرادوا من عموم الأمة أن لا يكون لهم ذنوب، وإلا أصبح عندهم كافراً مخلداً في النار.

وأما الهوى فبابه واسع، وقد قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (١) .

وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ} (٢)

إلى غير ذلك من الدوافع نحو الانحراف، وسأذكر شيئا مما ذكره أهل العلم يؤيد ما ذكر هنا:

قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى -: " وقد روي أن أول من ابتدع {القول بنفي القدر} بالعراق رجل من أهل البصرة يقال له: سيسويه، من أبناء المجوس، وتلقاه عنه معبد الجهني" (٣) .

وقال الإمام ابن حزم: " الأصل في أكثر خروج هذه الطوائف عن ديانة الإسلام: أن الفرس كانوا من سعة الملك وعلو اليد على جميع الأمم، وجلالة الخطر في أنفسهم، حتى إنهم يسمون أنفسهم: الأحرار، والأبناء، وكانوا يعدون سائر الناس عبيداً لهم، فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم، على أيدي العرب، وكانت العرب أقل الأمم عند الفرس خطراً، تعاظمهم الأمر، وتضاعفت لديهم المصيبة، وراموا كيد الإسلام بالمحاربة، في أوقات شتى، ففي كل ذلك يظهر الله – سبحانه وتعالى – الحق، وكان من قائمتهم "منقاذ" و"المقنع" و"استابين"،


(١) الآية ٢٣ من سورة الجاثية.
(٢) الآية ٥٠ من سورة القصص.
(٣) "مجموع الفتاوى" (٧/٣٨٤) ، وذكره المقريزي في "الخطط" (٣/٣٦٠) ، وسيأتي، وأما ما ذكره أبو لبابه حسين في كتابه "موقف المعتزلة من السنة" أن معبداً أخذ مقالته عن نصراني من أهل العراق أسلم ثم تنصر، نقلاً عن أدب المعتزلة، ففيه نظر، إذ هو خلاف المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>