للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: " لفظ الجسم لم يتكلم به أحد من الأئمة والسلف، في حق الله - تعالى - لا نفياً ولا إثباتاً، ولا ذموا أحداً ولا مدحوه بهذا الاسم، ولا ذموا مذهباً ولا مدحوه بهذا الاسم، وإنما تواتر عنهم ذم الجهمية، الذين ينفون الصفات، وذموا طوائف منهم، مثل المشبهة، وبينوا مرادهم بالمشبهة" (١) .

قال الحافظ: " الذي يظهر لي أنه أشار {بهذه الترجمة} إلى ما قاله شيخه نعيم بن حماد: " يقال للجهمية: أخبرونا عن قول الله -تعالى- بعد فناء خلقه، {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} فلا يجيبه أحد، فيرد على نفسه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} وذلك بعد انقطاع ألفاظ خلقه بموتهم، أفهذا مخلوق؟ " (٢)

قلت: يظهر لي أن مراده بهذا الباب كالباب الذي قبله، أن هذا الاسم الكريم (الملك) من أسماء الله الحسنى، وقد أطلق على بعض خلقه، ولم يكن في ذلك

تشبيه، إذ المعنى الذي يختص به الله -تعالى- لا يشاركه فيه أحد من خلقه، فهو مالك الملك، وله الملك التام المطلق، وهو الذي يهب للمخلوق الملك، مع أن ملك المخلوق ناقص يناسب نقصه، قال -تعالى-: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٣) .

وأما التوفيق بين الحديث، والترجمة فظاهر، وهو أن الناس الذين يوجد


(١) نفس المصدر (١/٤٧) ، ومراد السلف بالمشبهة: الذين يمثلون صفاته تعالى بصفات خلقه، نحو اليد والوجه، فيجعلون يده تعالى كيد المخلوق، ووجهه كوجه المخلوق، تعالى الله عن ذلك.
(٢) "الفتح" (١٣/٣٦٨) .
(٣) الآية ٢٦ من سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>