للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"والساعة حق" أي مجيء يوم القيامة حق لا مرية فيه، فهو ثابت لا بد منه، وهي نهاية الدنيا، ومبدأ الآخرة، وفي ضمن هذه الأخبار: الإخبار عن إيمانه بما ذكر، إيماناً لا يتزعزع، والساعة يعبر بها عن البعث، أي الساعة التي يبعث الله فيها الموتى من قبورهم أحياء، فيجمعهم بعد تفرق أجزائهم وتشتتها، بل واستحالتها تراباً، وهباء، وغير ذلك.

فيجمعهم، ويحييهم، كما كانوا في الدنيا، ويجازيهم بعد حسابهم، وحشرهم. وأدخلت الألف واللام في الساعة؛ لأنها معروفة المعنى عند المخاطبين بها، وأنها مقصود بها قصد الساعة التي وصفت، قاله الطبري (١) .

"اللهم لك أسلمت" أي: أذعنت لأمرك، وانقدت له، وخضعت لحكمك.

" وبك آمنت" أي: صدقت، وعملت بمقتضى ذلك، بعد تحققي بالإيمان بك.

"وعليك توكلت" أي: اعتمدت عليك، ووكلت أموري إليك، راضياً بما قضيته لي، بعد أن فعلت الأسباب التي جعلتها إليّ، دينية كانت، أو دنيوية.

فالتوكل: هو الاعتماد على الله -تعالى- والثقة به، وفعل الأسباب التي رتبت عليها الأشياء، والتي يستطيع العبد فعلها، وهو من أفضل العبادة، بل جاء ما يدل على أنه شرط في حصول الإيمان، كما في قوله -تعالى-: {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (٢) .


(١) انظر: "تفسيره" (١١/٣٢٤) ، ولكثرة ما أخبروا بها ووصفت لها، وخوفوا بقربها صارت معلومة لهم، فأدخلت عليها الألف واللام لذلك.
(٢) الآية ٢٣ من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>