للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برفع أصواتكم، فإنه لا حاجة إلى ذلك، فإن من تكبرونه وتسبحونه سميع بصير، يسمع الأصوات الخفية كما يسمع الجهرية، ويرى الأشياء وإن دقت، فلا يخفى عليه شيء.

قوله: " فإنكم لا تدعون أصم، ولا غائباً" قال صاحب "القاموس": "الصمم: انسداد الأذن، وثقل السمع، بحيث لا يسمع الأصوات إلا إذا كانت مرتفعة عالية" (١) .

وقيل: هو انسداد الأذن، وذهاب سمعها.

قوله: " غائباً" أي: ليس بعيداً ومستور الرؤية والسمع عنكم، فيحتاج إلى المناداة ورفع الأصوات كما قال -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (٢) .

ولهذا قال: " تدعون سميعاً بصيراً قريباً" وهذه صيغ مبالغة لله؛ لأن له -تعالى- تمام الكمال من هذه الصفات، فلا يفوت سمعه أي حركة وإن خفيت، فيسمع دبيب النملة على الصفاة الصماء في ظلمة الليل، وأخفى من ذلك، كما أنه -تعالى- لا يحجب بصره شيء من الحوائل، فهو يسمع نغماتكم وأصوات أنفاسكم وجميع ما تتلفظون به من كلمات، ويبصر حركاتكم، وهو معكم قريب من داعيه، وهو أيضاً مع جميع خلقه باطلاعه وإحاطته، وهم في قبضته، ومع ذلك هو على عرشه عال فوق جميع مخلوقاته، ولا يخفى عليه خافية في جميع مخلوقاته مهما كانت، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله - في مكانه.

قوله: " قل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة" الكنز هو: المال النفيس المحفوظ، والجمع والادخار يسمى: كنزاً.


(١) انظر " القاموس" (٤/١٤٠) .
(٢) الآية ١٨٦ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>