للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأدلة على عدم حصرها فيما ذكر: قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث الشفاعة: " فيفتح عليّ من محامده ما لا أحسنه الآن" وتلك المحامد، هي الثناء عليه -تعالى- بما له من أسماء حسنى وصفات عليا.

ومن الأدلة أيضاً قوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" (١) وأحسن الثناء ما كان بأسمائه الحسنى وصفاته العلية.

وبهذا يتبين أن الأسماء الحسنى غير محصورة في العدد المذكور، وإنما خص ذكر هذا العدد لما رتب عليه من الحكم، وهو: " من أحصاها دخل الجنة "، فليس في الحديث حصر أسماء الله -تعالى- ولا يدل على أنه ليس لله اسم غير هذه التسع والتسعين، وإنما أريد به الإخبار بدخول الجنة لمن أحصاها، لا الإخبار بحصرها،

وإلى هذا ذهب جمهور العلماء، كما ذكره الحافظ، ونقل النووي الاتفاق على ذلك (٢) .

قال شيخ الإسلام: " والصواب الذي عليه جمهور العلماء: أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إن لله تسعة وتسعين اسماً، من أحصها دخل الجنة " معناه: أن من أحصى التسعة والتسعين من أسمائه دخل الجنة، ليس مراده أنه ليس له إلا تسعة وتسعون اسماً، فإن في الحديث الآخر الذي رواه أحمد وأبو حاتم في "صحيحه": " أسألك بكل اسم هو لك" الحديث، وفي "الصحيحين": " لا أحصي ثناء عليك" ولو أحصى جميع أسمائه، لأحصى صفاته، فكان يحصي الثناء عليه؛ لأن صفاته يعبر عنها بأسمائه" (٣) .

قوله: " من أحصاها دخل الجنة" اختلف في المقصود من الإحصاء، وربما فهم من صنيع البخاري أنه يرى أن إحصاءها هو حفظ ألفاظها، كما فهم


(١) رواه "مسلم" في كتاب الصلاة (١/٣٥٢) ، و "أبو داود" في الوتر (٢/١٣٤) وغيرهما.
(٢) انظر: " فتح الباري" (١١/٢٢٠) .
(٣) "درء تعارض العقل والنقل" (٣/٣٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>