للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-تعالى- لم يحمله عليها أحد، وإنما وقعت بمحض إرادته، تفضلاً منه، وجوداً على خلقه كتبه على نفسه، كما قال -تعالى-: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} .

وقوله: "وهو وضع عنده على العرش" وضع: بفتح الواو، وسكون الضاد، أي موضوع، وكذا جاء في: الجمع بين "الصحيحين"، للحميدي (١) ، وضبط أيضاً بفتح الضاد، على أنه فعل ماض، وبضم الضاد أيضاً، والأول أظهر وأشهر. وقوله: "عنده على العرش" أي أنه -تعالى- وضع الكتاب عنده فوق عرشه،

وسيأتي في باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} بهذا اللفظ: "عنده فوق عرشه". وذلك للاهتمام به، حيث وضعه على عرشه الذي استوى عليه.

كما يدل على أن الله على العرش، مستو عليه، كما قال -تعالى- عن نفسه في مواضع كثيرة من كتابه، وأخبرت به رسله، ويدل على علوه -تعالى-، وسيأتي ذكر ذلك مستوفى -إن شاء الله - في موضعه.

وما نقله الحافظ - عفا الله عنا وعنه - عن شراح كتاب البخاري من تأويل هاتين اللفظتين بالتأويلات الباطلة، المبنية على فساد العقيدة، سيأتي ردها - إن شاء الله - هناك بالبراهين.

قوله: " إن رحمتي تغلب غضبي" الرحمة والغضب كلاهما من أوصاف الله -تعالى-، ولكن الرحمة أوسع وأشمل، فرحمته تعالى وسعت كل شيء، كما قال عن حملة العرش، ومن حوله من الملائكة في دعوتهم للمؤمنين، أنهم يقولون: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} (٢) ، وقال -تعالى-: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (٣) وهذه هو معنى غلبها للغضب.


(١) قاله الحافظ ابن حجر في "الفتح" (١٣/٣٨٥) .
(٢) الآية ٧ من سورة غافر.
(٣) الآية ١٥٦ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>