للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناقص، وكل مخلوق له صفة الضعف والحاجة والنقصان، ولا بد، تعالى عن مشابهة خلقه علواً كبيراً.

قوله: " إن الله ليس بأعور" هذه الجملة هي المقصودة من الحديث وفي هذا الباب، فهذا يدل على أن لله عينين حقيقة؛ لأن العور فقد أحد العينين، أو ذهاب نورها.

قال في " القاموس": " العور: ذهاب حس إحدى العينين ... والرديء من كل شيء، والضعيف الجبان البليد الذي لا يدل، ولا يندل، ولا خير فيه " (١) .

وعلى كل: العور نقص وعيب في الاتفاق، والمقصود أنه في اللغة هو ذهاب ضوء إحدى العينين.

ولهذا صار هذا الحديث من الأدلة الواضحة على إثبات تثنية العين لله -تعالى-، ويزيد ذلك وضوحاً إشارته -صلى الله عليه وسلم- إلى عينه لتحقيق الوصف، يعني أن لله عينين سالمتين من كل عيب كاملتين، بخلاف الدجال الفاقد لإحدى عينيه، وذلك من أعظم الأدلة على كذبه.

وقال ابن المنير: " وجه دلالة الحديث على إثبات العين لله، من حديث الدجال من قوله: " إن الله ليس بأعور" من جهة أن العور عرفاً: عدم العين، وضد العور ثبوت العين، فلما نزعت هذه النقيصة لزم ثبوت الكمال بضدها، وهو وجود العين" (٢) .

قلت: الحديث فيه إثبات العينين لله -تعالى-، لا عين واحدة، كما قد يتوهمه كلامه.

وقوله: " عرفاً " بل هو لغة قبل العرف.


(١) "القاموس" (٢/٩٧) .
(٢) "الفتح" (١٣/٣٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>