قوله:" فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال لي: ارفع محمد، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع" أي: أن الله -تعالى- يمهل له في السجود، فيبقى ساجداً وقتاً طويلاً، يسبح ربه، ويمجده، ويثني عليه، ويحمده، فلا يرفع رأسه من سجوده حتى يأمره الله -تعالى- برفعه، ثم يأذن له -تعالى- بأن يطلب من ربه مراده، وقد علم الله مقصده، ولهذا قال له: اشفع تشفع، وهذا كله من رحمته -تعالى-، فهو الذي ألهم عباده طلب الشفاعة من الأنبياء، وهو الذي أذن في الشفاعة وقبلها، وحقيقة الأمر هو إرادة الله -تعالى- رحمة الخلق وإراحتهم من عناء الموقف، وإظهار كرامة محمد –صلى الله عليه وسلم- للخلق في ذلك الموقف العظيم، وإلا فالشفاعة كلها لله.
قوله:" فأحمد ربي بمحامد علمنيها " قد تقدم أن هذا يدل على عدم حصر أسماء الله الحسنى، في تسع وتسعين؛ لأن هذه المحامد بأسمائه الحسنى وصفاته
العليا، وقد جاء في الرواية الأخرى:" فيفتح الله عليّ من المحامد والثناء ما لا أحسنه الآن ".
قوله:" ثم أشفع، فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة" أي: أن الله –تعالى- يعين له من يشفع فيهم، وهذا من الأدلة الواضحة على أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- لا يشفع فيمن يريد، بل لمن يأذن الله له في الشفاعة فيهم، وبذلك يتبين أن الشفاعة لله جميعاً، كما صرحت بذلك آيات من كتاب الله –تعالى-: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ {٤٣} قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (١) .