للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الكف، وذكر اليمين، والشمال، واليدين، مرة مثناة، ومرة منصوص على أنها واحدة، وأنه

يفعل بها كذا وكذا، وأن الأخرى فيها كذا، كما تقدمت النصوص بذلك، وهو تبع لأهل الكلام – المذموم- ينكر وصف الله -تعالى- باليدين حقيقة، مع أن القرآن قد جاء بذلك صراحة، كما قال -تعالى- {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (١) ، {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (٢) ، {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (٣) . وهو مع ذلك لا يقبله؛ لأنه على خلاف تلقاه عن أهل البدع، ولهذا نراه – عفا الله عنا وعنه – يحاول رد النصوص بدون حجة، وكل ما يمكن أن يعتمد عليه هو – وكل من سلك مسلكه من أهل التأويل – ادعاؤهم أن العقل بخلاف ذلك، وأنه محال في العقل، وهو أمر غير منضبط، كما سنشير إليه – إن شاء الله – ودعوى بدون برهان.

قوله: " ولا حديث مقطوع به "، هذا عجيب من الخطابي، الذي كثر اشتغاله بالحديث تأليفاً، ورواية، وشرحاً لمتونه، وأسانيده، ثم يقول هذا القول، الذي هو عنوان لأهل البدع، فهم كلما ألجأتهم الحجج إلى المضائق رموها بهذه الدعوى " أنها أدلة غير مقطوع بها".

فإذا كانت أحاديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- مع ثبوت أسانيدها غير مقطوع بها، فما هي الحجج المقطوع بها في نظر هؤلاء؟ هل هي أقوال أقوام متهمين على الدين الإسلامي، وتحوم حولهم شكوك كثيرة؟ كالجعد بن درهم، وجهم بن صفوان، وبشر المريسي، وأحمد بن أبي دؤاد، وابن الثلجي ونحوهم، فإن هؤلاء هم سلف متأخري الأشعرية في تأويلاتهم.

وإننا نربأ بالخطابي أن يسلك هذا المسلك المنحرف عن الهدى.


(١) الآية ٧٥ من سورة ص.
(٢) الآية ٦٧ من سورة الزمر.
(٣) الآية ٦٤ من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>