للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لضربته بحد السيف لا بصفحه، يعني: لقتله بدون توقف، وقد أقره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وأخبر أنه أغير من سعد، وأن الله أغير منه، وأما قول القرطبي وغيره: إن قوله: " ولا أحد أحب إليه العذر من الله " إشارة إلى الإنكار على سعد، فغير صحيح، بل مدلول الحديث خلافه، ولا بد من الغيرة، والذي لا غيرة له ديوث، والديوث لا يدخل الجنة، كما في "سنن النسائي" (١) وغيرها.

ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: " تعجبون من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير مني" الخ.

قوله: " ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن" أي: من أثر غيرة الله: منع عباده من قربان الفواحش، وهي: ما عظم وفحش في النفوس الزاكية والعقول السليمة مثل الزنا.

والظاهر: يشمل ما فعل علناً، وما باشرته الجوارح وإن كان سراً.

والباطن: يشمل ما في السر، وما انطوت عليه القلوب.

قوله: " ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين".

العذر: هو طلب العفو عن فعل سابق مع الاعتراف بالذنب والندم على وقوعه منه، ويراد به الإعذار، وهو إقامة البينات، والحجج، وإيضاح طريق الخير والشر، وكلاهما يدخل فيما ذكر، والمبشرون والمنذرون هم الرسل، وفي رواية مسلم: " بعث المرسلين مبشرين ومنذرين" وفي رواية له أيضاً: " ولذلك أنزل الكتب والرسل".

قال عياض: المعنى: بعث المرسلين للإعذار والإنذار لخلقه، قبل


(١) "المجتبي" (٥/٨٠) ، رواه أحمد في "المسند" (٢/١٣٤) وفي سنده عبد الله بن يسار، روى له النسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبقية رجاله ثقات مشهورون.

<<  <  ج: ص:  >  >>