للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو كان في كل مكان، لكان في بطن الإنسان، وفمه، وفي الحشوش، والمواضع التي نرغب عن ذكرها، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن خلقه، وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان، ولصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض، وإلى خلفنا، وإلى يميننا، وشمائلنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه، وتخطئة قائله" (١) .

وقال شيخ الإسلام: " وإذا كان المسلمون يكفرون من يقول: إن السموات تقله، أو تظله، لما في ذلك من احتياجه إلى مخلوقاته، فمن قال: إنه في استوائه على العرش محتاج إليه، كاحتياج المحمول، إلى حامله، فإنه كافر؛ لأن الله غني عن العالمين - حي، قيوم - الغنى المطلق، وما سواه فقير إليه.

مع أن أصل الاستواء على العرش، ثابت بالكتاب، والسنة، واتفاق سلف الأمة، وأئمة السنة، بل ثابت في كل كتاب، أنزل على كل نبي أرسل" (٢)

وذكر عن أبي عمرو الطلمنكي: أنه قال: " قال أهل السنة، في قوله -تعالى-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٣) : أن الاستواء من الله على عرشه المجيد، على الحقيقة، لا على المجاز " (٤) .

وقال ابن عبد البر في شرح حديث النزول: " وفيه دليل على أن الله في السماء، على العرش من فوق سبع سماوات، كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم: إن الله في كل مكان، وليس على العرش.


(١) "التمهيد" (ص٢٦٠) .
(٢) "مجموع الفتاوى " (٢/١٨٨) .
(٣) الآية ٥ من سورة طه.
(٤) "مجموع الفتاوى " (٣/٢٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>