للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَرْشِ اسْتَوَى} يبين أن الله فوق السماوات، فوق العرش، وأن الاستواء على العرش دل على أن الله بنفسه فوق العرش.

ثم إنه أردف ذلك بتكفير من قال: إنه على العرش استوى، ولكن توقف في كون العرش في السماء، أم في الأرض؛ قال: لأنه أنكر أنه في السماء، لأن الله في أعلى عليين، وأنه يدعى من أعلى، لا من أسفل.

وهذا تصريح من أبي حنيفة - رحمه الله - بتكفير من أنكر أن يكون الله في السماء.

واحتج على ذلك بأن الله في أعلى عليين، وأنه يدعى من أعلى، لا من أسفل، وكل من هاتين الحجتين فطرية عقلية، فإن القلوب مفطورة على الإقرار بأن الله في العلو، وعلى أنه يدعى من أعلى، لا من أسفل.

وقد جاء اللفظ الآخر صريحاً عنه بذلك، فقال: إذا أنكر أنه في السماء فقد كفر" (١)

وكلام العلماء من أهل السنة من السلف وأتباعهم في هذا الموضوع كثيرة جداً، فنكتفي بهذا الطرف اليسير؛ لأن العاقل المنصف، الذي يريد الحق، ويطلبه إذا بان له الدليل، كفاه اليسير، وأما من ضل وعاند فلا يفيده البيان والإكثار من الكلام، والله الهادي، وهو المستعان.

قوله: " وقال ابن عباس: المجيد: الكريم، والودود: الحبيب. يقال: حميد مجيد، كأنه فعيل من ماجد، محمود من حمد ".

قول ابن عباس انتهى عند قوله: يقال. قال الحافظ: " وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في قوله -تعالى-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، قال: المجيد الكريم، وبه - أي بالسند - عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} . قال: الودود: الحبيب" (٢) .


(١) "مجموع الفتاوى" (٨/٤٧-٤٩) .
(٢) "الفتح" (١٣/٤٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>