للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر أن هذه الواقعة في المدينة، في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا ذكرها البخاري في آخر المغازي، في ذكر الوفود على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قوله: " اقبلوا البشرى يا بني تميم" وفي رواية: " أبشروا يا بني تميم"، والمراد بهذه البشرى: الخير العظيم الذي يترتب على الإسلام، والنجاة من العذاب العظيم الذي يترتب على عدم الدخول في الإسلام، وذلك في الدنيا والآخرة.

قال الحافظ: " والمراد بهذه البشارة: أن من أسلم نجا من الخلود في النار، ثم بعد ذلك يترتب جزاؤه على وفق عمله، إلا أن يعفو الله" (١) .

"وتميم: اسم رجل، وهو تميم بن مر بن إد بن طابخة - واسم طابخة- عمرو بن إلياس بن مضر، والتميم في اللغة: الشريد" (٢) . " قالوا: بشرتنا فأعطنا" يظهر أنهم ما فهموا مقصد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما أراده بالبشرى، أو أن رغبتهم في العاجلة، فعلقوا بها آمالهم، فقدموا ذلك على التفقه في الدين، والإقبال على تفهم ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولهم، كما في الرواية الأخرى، وغير لون وجهه حيث استشعر قلة فقههم في الدين، ورغبتهم في الآخرة، والله أعلم.

"فدخل ناس من أهل اليمن " تقدم ذكر اليمن، وسبب تسميته في شرح حديث معاذ، "فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم" البشرى: اسم من البشير، وهي الإخبار بما يسر ويفرح غالباً، وسميت بذلك لأنه يظهر أثرها على بشرة الوجه.

قال الحافظ: " أي: اقبلوا مني ما يقتضي أن تبشروا بالجنة، إذا أخذتم به" (٣) . ويؤخذ من هذا: أنه ينبغي - بل يتعين - قبول ما جاء عن الله ورسوله،


(١) "الفتح" (١٣/٤٠٩) .
(٢) انظر: " نهاية الأرب" (ص١٨٨، ٣٢٢) .
(٣) "الفتح" (٦/٢٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>