للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام: " الإله هو: الذي يؤله، فيعبد، محبة وإنابة، وإجلالاً وإكراماً" (١) .

فقوله: " لا إله إلا الله " أي: لا أتوجه بقلبي عابداً وخاضعاً، متذللاً، خائفاً، راجياً، إلا إلى الله وحده، فهو إلهي، ومعبودي، الذي يملك نفعي وضري، وبإخلاص التأله له كمال حياتي، وسعادتي، وفي عدم ذلك الشقاء والهلاك.

"فالعبد كلما كان أذل لله، وأعظم افتقاراً إليه، وخضوعاً له، كان أقرب إليه وأعز له، وأعظم لقدره عنده، فأسعد الخلق أعظمهم عبودية لله تعالى، فأما المخلوق

فكما قيل: احتج لمن شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن لمن شئت تكن أميره.

فأعظم ما يكون العبد قدراً وحرمة عند الخلق: إذا لم يحتج إليهم بوجه من الوجوه، فإن أحسنت إليهم مع الاستغناء عنهم كنت أعظم ما يكون عندهم، ومتى احتجت إليهم ولو بشربة ماء نقص قدرك عندهم بقدر حاجتك إليهم، وهذا من حكمة الله ورحمته؛ ليكون الدين كله لله، لا يشرك به شيء.

والرب -تعالى- أكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه، وأفقر ما تكون إليه، وهو -تعالى- يعلم ما يصلح عبده، ويقدر على ذلك، ويريده، رحمة منه وفضلاً، وذلك صفته من جهة نفسه، لا شيء آخر جعله مريداً، راحماً، بل رحمته من لوازم نفسه، فإنه كتب على نفسه الرحمة، ورحمته وسعت كل شيء" (٢) .

قوله: " العليم الحليم" أي: هو تعالى العظيم بكل شيء، فيعلم حالي. وما نزل به، ويعلم أسبابه، وما يترتب عليه، لا يخفى عليه خافية، فعلمه محيط بكل شيء.


(١) "مجموع الفتاوى" (١/٢٢) .
(٢) "مجموع الفتاوى" (١/٣٩-٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>