المتكلمين الذين جعلوا عمدتهم، في إثبات ما يثبتون، ونفي ما ينفون: العقل.
فهذا الحديث دل على أن أول ما يجب على العبد: عبادة ربه تعالى بامتثال أوامره، واجتناب ما نهى عنه، وأن المقصود من الدعوة: وصول العباد إلى ما خلقوا به، من عبادة الله تعالى وحده لا شريك له.
ولا سبيل إلى ذلك إلا باتباع الوحي الذي جاء به محمد –صلى الله عليه وسلم- فيجب أن يتبع، وأن يكون هو الأصل المعول عليه في معرفة عبادة الله، والإيمان به، وبرسله، وملائكته، وكتبه، واليوم الآخر، والإيمان بأسمائه وصفاته وعبادته بها، خلافاً لطريقة المتكلمين، الذين جعلوا عمدتهم عقولهم في إثبات وجود الله تعالى، بناء على حدوث الكون، ثم إثبات صفاته نفياً وإثباتاً بالقياس العقلي، ثم إثبات النبوات، ثم بعد ذلك يتكلمون في السمعيات.
وهذه طريقة المعتزلة، والكرامية، والكلابية، والأشعرية، غير أن الأشعرية سلكوا هذه الطريقة في الأصول الاعتقادية العلمية، دون العملية.
وأما المعتزلة فلم يفرقوا بين العقيدة والعمل في القياس العقلي، حتى إنهم ينظرون إلى القدر المشترك في الأفعال بين الرب والعباد، فما كان حسناً من العباد في نظرهم، فهو عندهم حسن من الله تعالى، وما كان قبيحاً منهم، فهو من الله تعالى قبيح، ولهذا سماهم أهل السنة: مشبهة الأفعال، نفاة الصفات.