للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجاب القرطبي عن الإشكال بقوله: " المعنى: فلا أدري: أبعثه الله قبلي؟ تفضيلاً له، من هذا الوجه، كما فضل بالدنيا بالتكليم، أو كان جزاء له بصعقة الطور قدم بعثه على بعث الأنبياء، الآخرين، بقدر صعقته عندما تجلى ربه للجبل؟ " (١)

فعي هذا يكون المعنى في قوله: " أو جوزي بصعقة الطور" أي قدم بعثه عليَّ جزاء له بما حصل من صعقته في الطور، وهذا غير صحيح؛ لأمور عدة:

منها: أن الحديث على هذا يصبح فيه تكرار لا معنى له، إذ لا يكون المعنى على قول القرطبي: " فلا أدري أبعث قبلي؟ أو جوزي ببعثه قبلي بصعقة الطور".

ومنها: أن ظاهر الحديث يرد هذا؛ لأن قوله: " فلا أدري أبعث قبلي؟ أم جوزي بصعقة الطور؟ " ظاهره: فلا أدري أصعق فبعث قبلي؟ أم أنه لم يصعق، وإنما جوزي عن الصعق بصعقة الطور؟ ولهذا لم يقتنع القرطبي بهذا الجواب، فذكر جواباً آخر – سيأتي- ثم قال:

وقال شيخنا أحمد بن عمر: وظاهر حديث النبي –صلى الله عليه وسلم- يدل على أن ذلك إنما هو بعد النفخة الثانية، نفخة البعث، ونص القرآن يقتضي أن ذلك الاستثناء إنما هو بعد نفخة الصعق، ولهذا قال بعض العلماء: يحتمل أن يكون موسى – عليه السلام – ممن لم يمت من الأنبياء، وهذا باطل بما صح من النصوص بذكر موته.

قال: وقال القاضي عياض: يحتمل أن يكون المراد بهذه صعقة فزع، بعد النشر، حين تنشق السماوات والأرض، قال: فتستقل الأحاديث والآيات، والله أعلم.

ثم قال: قال شيخنا أبو العباس: وهذا يرده ما جاء في الحديث أنه عليه


(١) التذكرة (١/٢٠٨) ، وهو أخذ هذا عن الحليمي كما في المنهاج، انظر: الورقة ٢١٤ من المخطوطة، وانظر المطبوع (١/٤٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>