للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا بناء على أن النفخ في الصور مرتان، وهو الذي تؤيده الأدلة الصحيحة، كما مر في هذه الروايات السابقة.

قال الحافظ: " ثبت في "صحيح مسلم" أنهما نفختان، ولفظه في أثناء حديث مرفوع: " ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً، ورفع ليتاً، ثم يرسل الله مطراً كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون".

وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه: " بين النفختين أربعون"، وفي ذلك دلالة على أنهما نفختان فقط، والتغاير في كل منهما باعتبار من يسمعهما، فالأولى: يموت بها كل من كان حياً، ويغشى على من لم يمت ممن استثنى الله تعالى، والثانية: يعيش بها من مات، ويفيق بها من غشي عليه" (١) .

وقد ذهب إلى أنها ثلاث نفخات بعض العلماء، كالحافظ ابن كثير، وحمل قوله تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض} على أنها نفخة الفزع، وممن ذهب إلى ذلك القرطبي وابن العربي وغيرهما، وعمدتهم في ذلك حديث الصور، حيث صرح فيه أن النفخات ثلاث، ولكنه حديث ضعيف مضطرب، كما بينه الحافظ ابن حجر – رحمه الله – فلا يعتمد عليه لذلك، وآية الزمر واضحة الدلالة في أن النفخ في الصور مرتين.

وأما قوله تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض} فالظاهر أنها النفخة الأولى، ذكرها بمقدماتها، ومما يدل على أنها نفختان فقط: قوله تعالى: {يوم ترجف الراجفة (٦) تتبعها الرادفة} .

قوله: " فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش " وفي رواية أبي هريرة: " آخذ بالعرش" أي: أنه –صلى الله عليه وسلم- يجد موسى عليه السلام بعد ما بعث، ممسكاً بأحد قوائم العرش، والمراد بالعرش: عرش رب العالمين.


(١) انظر " فتح الباري" (١١/٣٦٩-٣٧٠) و (٦/٤٤٦) ، وانظر: الحديث الذي يشير إليه في "صحيح مسلم" (٤/٢٢٥٨، ٢٢٥٩) رقم (٢٩٤٠) ، وانظر: حديث أبي هريرة في "البخاري مع الفتح" (٨/٥٥١، ٦٨٩) ، وفي "مسلم" (٤/٢٢٧٠) رقم (٢٩٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>