يتفقون معهم على إنكار علو الله تعالى، واستوائه على عرشه، ومجيئه لفصل القضاء بين عباده، ونزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة، كما أخبر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
كما أنهم يؤولون الصفات إلا قليلاً، تأويلاً يؤول إلى الإنكار، مثل اليدين، والرجلين، والوجه، والرحمة، والمحبة، والضحك، والرضا، والغضب، والسخط، والمقت، وغير ذلك.
ويوافقون الجهمية في كون القرآن مخلوقاً، فإنهم يجعلون الكلام قسمين: نفسي، وهو المعنى القائمة بالنفس، وهذا هو الذي يصفون الله به، ولفظي حرفي وهو
المكتوب في المصاحف، وهو ليس كلاماً لله عندهم، بل هو عبارة عن كلام الله، وهو مخلوق، وهذا قول الجهمية الذين كفرهم السلف من أجله.
والمقصود: أن علو الله -تعالى- واستواءه على عرشه ثابت بنصوص الكتب المنزلة على رسل الله، وأما العلو فهو ثابت بذلك، وبالفطر التي عليها عباده، وبالعقول التي لم تنتكس بفعل الشياطين، وبإجماع أهل العلم والإيمان من جميع الأمم، كما تقدمت الإشارة إليه، ولم يعرف خلاف في هذه المسألة، ونحوها إلا بعدما دخل كثير من الزنادقة في الإسلام نفاقاً، وقصداً لإفساد الدين، بعد المائة الأولى للهجرة، وإن كان قد وجد قبل ذلك بعض المفسدين المتطرفين، الذين كان لهم الأثر السيء في الأمة.
قال شيخ الإسلام: " افترق الناس، في علو الله واستوائه، أربع فرق:
الأولى: الجهمية، النفاة، يقولون: ليس داخل العالم، ولا خارجه، ولا فوق، ولا تحت، وجميع الطوائف، من أهل البدع يتمسكون بنصوص، إلا الجهمية.
وقسم ثان منهم يقولون: إنه بذاته في كل مكان، ويدخل فيهم الأشاعرة، وهؤلاء هم الفرقة الثانية.