((كما ترون هذا القمر)) مع إشارته إليه, فليس بعد هذا البيان بيان, ولا مزيد على هذه التأكيدات, فمن حاول تأويل رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة بعد ما سمع هذا البيان من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهو يجادل بالباطل ليدحض به الحق, قد اختار الباطل على الحق, وسوف يولّه الله ما تولى.
وإذا دخلت السين على الفعل, صار وقوعه في المستقبل.
ورؤية العباد لربهم – تعالى – لا تقع إلا في الآخرة, كما سيأتي, إن شاء الله تعالى.
وفي ((صحيح مسلم)) عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله: ((أما إنكم سَتُعرَضون على ربكم فَتَرَونه)) (١) . ففي كلا اللفظين تأكيد بليغ منه – صلى الله عليه وسلم – بأن المؤمنين يرون ربهم رؤية حقيقية بأبصارهم, مؤكدة كما سيأتي بيان ذلك, إن أراد الله تعالى.
قوله: ((لا تضامون في رؤيته)) يروى بضم التاء وتخفيف الميم, والمعنى: لا ينالكم في رؤية ربكم ضيم, أي ظلم وهضم.
ويروى بفتح التاء, وتشديد الميم, والمعنى: أنكم ترون ربكم رؤية واضحة, لا تحتاجون في رؤيته أن ينضم بعضكم إلى بعض لتتساعدوا على الرؤية, كما يقع عند رؤية الأمور الخفية.
ويروى أيضا: ((تضارون)) بفتح التاء, وضمها, والمعنى: لا يضر بعضهم بعضاً في رؤية الله – تعالى -, فيراه بعضهم, ويحجب عن رؤيته آخرون منهم, بل يراه المؤمنون رؤية واضحة, كوضوح الشمس والقمر.
قال الحافظ: ((تضارون بضم أوله, وبالضاد, وتشديد الراء, بصيغة
(١) انظر: مسلم بشرح النووي (٥/١٣٤) .