أي بقايا قليلة من اليهود والنصارى, الذين كانوا يعبدون الله – تعالى – وحده, أما معظمهم, فقد ذهب بهم إلى جهنم, عندما قال الله: ((ليتبع كل عابد ما كان يعبده)) .
وفي قصة لوط – صلى الله عليه وسلم – قول الله – تعالى -: {إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِين َ} (١) .
والمراد: أن كل من يعبد – غير الله تعالى – يحضر له معبوده الذي كان يعبده في الدنيا أو يمثل له, فيقال: اتبعه, ويذهب به إلى النار, ويبقى الذين لا يعبدون إلا الله من المؤمنين الصادقين, والمنافقين.
قوله: ((فيأتيهم الله)) هذا من أوصاف الله وأفعاله التي يفعلها إذا شاء, وهي مما يجب الإيمان به على ظاهر النص, كما هي طريقة سلف هذه الأمة الذين تلقوا ذلك عن الله ورسوله بالقبول, والتسليم, ومعلوم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أغير على الله, وأعظم تعظيماً له, وأعلم به وبما يجب له, وما يمتنع عليه, من أهل التأويل الذين يزعمون أنهم ينزهون الله عن أوصاف المحدثين, كما يقولون, ولهذا تجدهم يجهدون أنفسهم في تحريف كلام الله – تعالى – وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم – زاعمين أنه لو أُجري على ظاهره لأفاد التشبيه والتجسيم, فلذلك جعلوا تأويله واجباً.
والواقع أن ما يسمونه من ذلك تأويلاً هو تحريف وإلحاد, كما أشرنا إليه فيما سبق.
وفي هذه الجملة من الحديث, وهي قوله: ((فيأتيهم الله, فيقول: أنا ربكم، فيقولون: ((هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا, فإذا جاء ربنا عرفناه)) شاهد للباب, لأن ظاهره أنهم يرونه, غير أنهم في هذه المرة لم يعرفوه؛
(١) الآية ١٧١ من سورة الشعراء.