فإن مثله يجب أن تنزه عنه كتب العلم؛ لأنه منكر من القول وزور, وهو أقرب إلى السخرية والتهكم بكلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من كونه يحتمله, ولا يشك من يعرف معاني الكلام أن هذا تحريف لكلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتعطيل لله – تعالى – عن الإتيان, والصعود والاستواء, أو فعل ما يريد من ذلك.
ولكن هؤلاء المحرفون يجهدون أنفسهم ويبذلون وسعهم في تحريف كلام الله وكلام رسوله, وصد الناس عن قبوله على ظاهره, ثم يغلبون وتكون جهودهم عليهم حسرة, وسوف يندمون عند ظهور الحقائق.
قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى -:
((وأما أهل التحريف والتأويل, فهم الذين يقولون: إن الأنبياء لم يقصدوا بهذه الأقوال ما هو الحق في نفس الأمر, وأن الحق في نفس الأمر هو ما علمناه بعقولنا.
ثم يجتهدون في تأويل هذه الأقوال إلى ما يوافق رأيهم بأنواع التأويلات, التي يحتاج فيها إلى إخراج اللغات عن طريقتها المعروفة, وإلى الاستعانة بغرائب المجازات, والاستعارات.
وهم في أكثر ما يتأولونه قد يعلم عقلاؤهم علماً يقيناً أن الأنبياء لم يريدوا بقولهم ما حملوه عليه.
وهؤلاء كثيراً ما يجعلون التأويل من باب دفع المعارض, فيقصدون حمل اللفظ على ما يمكن أن يريده متكلم, لا يقصدون طلب مراد المتكلم به, وحمله على ما يناسب حاله.
وكل تأويل لا يقصد به صاحبه بيان مراد المتكلم, وتفسير كلامه بما يعرف به مراده, وعلى الوجه الذي يعرف مراده, فصاحبه كاذب على من تأول كلامه.