للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التناقض، وذلك أنهم تأولوا الحديث على أن آدم لم يخلق من نطفة، وعلقة، ومضغة، وعلى أنه لم يتكون في مدة طويلة، بواسطة العناصر، وبنوه قد خلقوا من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضعة، وخلقوا في مدة من عناصر الأرض.

فإن كانت العلة المانعة من الضرب للوجه وتقبيحه كونه خلق على هذا الوجه، وهذه العلة منتفية في بنيه، فينبغي أن يجوز ضرب وجوه بنيه، وتقبيحها؛ لانتفاء العلة فيها، فإن آدم هو الذي خلق على صورته دونهم، إذ هم لم يخلقوا على صورهم التي هم عليها، كما خلق آدم، بل نقلوا من نطفة إلى علقة، ثم إلى مضغة.

الوجه الرابع: ما أبطل به الإمام أحمد هذا التأويل، حيث قال: من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم، فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلق؟

وهذا الوجه الذي ذكره الإمام أحمد يعم الأحاديث كلها، قوله ابتداء: ((إن الله خلق آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً)) .

وقوله: ((لا تقبحوا الوجه)) إلى آخره، و ((إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته)) .

وذلك أن قوله: ((خلق آدم على صورته)) يقتضي أنه كان له صورة قبل الخلق [خلقه] عليها.

فإن هذه العبارة لا تستعمل إلا في مثل ذلك، وبمثل هذا أبطلنا قول من يقول: إن الضمير عائد إلى المضروب، فإن المضروب متأخر عن آدم، فجميع ما يذكر من التأويلات مضمونها أن صورته تأخرت عنه، فتكون باطلة.

وأيضاً: فمن المعلوم بالضرورة أنه لم تكن لآدم صورة خلق عليها قبل صورته التي خلقها الله – تعالى -.

<<  <  ج: ص:  >  >>