للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية عبد الله بن مسعود: ((يقول الله – تعالى – للناس في ذلك الموقف: أليس عدل مني أن أُوَلِّيَ كل عابد ما كان يعبد؟)) . قوله: ((حتى يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغبرات من أهل الكتاب)) .

البر: هو المطيع لله، المتبع لرسله، والفاجر هو: الخارج عن الطاعة، ولو في بعض الأمور.

والغبرات جمع غبر، بضم الغين وفتح الباء، المقصود: بقايا من اليهود والنصارى قليلة، وأما معظمهم وجُلُّهم فقد ذهب بهم مع أوثانهم إلى جهنم.

قوله: ((ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب)) في ذلك الموقف أمور عظام ومهولة، وله أحوال متعددة، وحقائقها لا تعلم إلا بالمعاينة، ولكن الرسل، ولا سيما خاتمهم، جاءوا بما يكفي المؤمن في الإتقان من أوصاف ذلك اليوم.

وفي هذا: ((أن جهنم يؤتى بها كأنها سراب)) وفي صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها)) (١) .

فيؤتى بجهنم بهذه الصفة تعرض على الناس في ذلك الموقف، وهناك: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} (٢) .

والسراب: هو ما يرى في الأرض الخالية المستوية وقت ما تشتد حرارة الشمس من أثر انعكاس أشعتها على الأرض، فيرى في القيعان كأنه ماء، فإذا قرب إليه الرائي أُبعد عنه، فهو كما قال الله تعالى:


(١) انظر ((صحيح مسلم)) (٨/١٤٩) .
(٢) الآية ٢ من سورة الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>