كيما يسجد، فيعود ظهره طبقاً واحداً)) ، وهذا مما يدل على أن الساق صفة لله – تعالى – حيث عرفه المؤمنون بذلك فسجدوا له، ومعلوم أن الشدائد في ذلك اليوم متوالية، من النفخ في الصور، وجمع الناس في صعيد واحد من أولهم إلى آخرهم، فيطول وقوفهم، شاخصة أبصارهم، حفاة، عراة، غرلاً، جياعاً عِطاشاً، ثم يؤتى إليهم بجهنم، تُجر بسبعين ألف زمام، في كل زمام سبعون ألف ملك، ثم تتوالى الأهوال من نصب الموازين، والصراط، والعبور على النار، حتى ينجو المؤمنون إلى الجنة، وأما من عداهم فلا يخرجون من شدة إلا إلى ما هو أشد منها، وكل هذه الأمور وغيرها لم توجب للمؤمنين السجود.
فلما مثل لكل قوم ما يعبدون، وأمروا باتباع معبوداتهم إلى النار، وبقي المؤمنون ينتظرون معبودهم، حتى إذا جاءهم في صورة لا يعرفونه بها، وقال: أنا ربكم، فيتعوذون بالله منه، خوفاً أن يكون غير ربهم؛ لأنهم لم يكونوا يشركون به شيئاً ثم يقول لهم: هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، الساق، عند ذلك يكشف عن ساقه - جل وعلا -، فيخرُّون له سُجَّداً.
وأما المنافقون الذين يراءون الناس بعبادتهم، فمنعوا من السجود، وجعلت ظهورهم طبقاً واحداً، لا يستطيعون الانحناء، ولا السجود؛ لأنهم ما كانوا في الحقيقة يسجدون لله في الدنيا، وإنما كانوا يسجدون لأغراضهم الدنيوية.
قوله:((ثم يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهري جهنم، قلنا: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: مدحضة، مزلة)) المدحضة: الذي لا تستمسك فيه الأقدام، ومزلة: صفة لمدحضة، يعني: أن القدم إذا وطئ عليه لا يثبت، بل يزل، والدحض: هو الموضع الذي فيه طين وأصابه الماء، فأصبح يدحض من وطئ عليه، أي: يزله، ولا يثبت عليه قدم.
قوله:((عليه خطاطيف)) هو الحديدة المعقوفة، المحددة؛ لأجل أن تمسك