للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبارزون بها ربهم، ومع ذلك ألهم المؤمنين الذين نجوا من عذاب النار وهول الصراط، ألهمهم مناشدته، والشفاعة فيهم، وأذن لهم في ذلك؛ رحمة منه لهم – تبارك وتعالى -.

((يقولون: ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا)) مفهوم هذا أن الذين لا يصلون مع المسلمين، ولا يصومون معهم، لا يشفعون فيهم، ولا يناشدون ربهم فيهم.

وهو يدل على أن هؤلاء الذين وقعت مناشدة المؤمنين لربهم فيهم كانوا مؤمنين، موحدين؛ لقولهم: ((إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ولكن ارتكبوا بعض المآثم، التي أوجبت لهم دخول النار.

وفي هذا رد على طائفتين، ضالتين، الخوارج، والمعتزلة، في قولهم: إن من دخل النار، لا يخرج منها، وإن صاحب الكبيرة في النار.

((فيقول الله تعالى: اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم، وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا، قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني، فاقرؤوا: {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} (١) أما كون المؤمنين يذهبون ِإلى النار، وكيف يستطيعون الوصول إليها؟ وكيف يعرفون من في قلبه مثقال دينار، أو نصف دينار، أو مثقال ذرة من إيمان؟ هذه كلها من أمور الآخرة، التي لا تقاس بما تعارف


(١) الآية ٤٠ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>