للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} (١) ولو قال قائل: رأيت زيداً أو لقيته، وأراد بذلك أنه رأى غلامه، أو أباه، أو لقيهما، لم يجز ذلك في لغة العرب بلا نزاع.

ولقاء الله - تعالى - قد ذكر في كتاب الله وسنة رسوله في مواضع كثيرة مطلقاً غير مقترن بما يدل على أنه أريد بلقاء الله بعض مخلوقاته من ثواب وغيره.

الثالث: أن اللفظ إذا تكرر ذكره في الكتاب، ودار مرة بعد مرة على وجه واحد، وكان المراد به غير مفهومه ومقتضاه عند الإطلاق، ولم يبين ذلك، كان تدليساً وتلبيساً يجب أن يصان كلام الله عنه، الذي أخبر أنه شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين، وأنه بيان للناس.

وقد علم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلغ البلاغ المبين، وأنه بين للناس ما نزل إليهم.

وأما قول أهل البدع: إن القرينة الدالة على أن لقاء الله غير مراد من هذه النصوص: هو ما في العقل من امتناع ذلك وإحالته.

فهو مردود من وجهين:

أحدهما: أنه ليس في العقل ما يمنع ذلك، بل البراهين العقلية تتفق مع القرآن، كما قال الله - تعالى -: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} (٢) .

وما يدعيه نفاة لقاء الله ورؤيته من الحجج العقلية التي تخالف ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله، ليست حججاً، وإنما هي شبهات فاسدة، عند من له خبرة جيدة بالمعقولات، وإنما تنطلي على المقلدين.


(١) الآية ٨٢ من سورة يوسف.
(٢) (الآية ٦ من سورة سبأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>