للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم.

قال عدي: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة.

قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج ملء كفه)) (١) .

وفي رواية: ((كنت عند رسول - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجلان، أحدهما يشكو العيلة، والآخر يشكو قطع السبيل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير (٢) .

وأما العيلة، فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه.

ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله، ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له، ثم ليقولن له: ألم أوتك مالاً؟ فليقولن: بلى، ثم ليقولن: ألم أرسل إليك رسولا؟ فليقولن: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة)) (٣) .

ففي هاتين الروايتين بيان جلي بأن الله - تعالى - يتولى كلام عباده ومحاسبتهم بنفسه بدون واسطة بينه وبينهم، وفي ضمن ذلك رؤيته - تعالى - وسماع كلامه.

قوله: ((ولا حجاب يحجبه)) أي: ليس بين العبد وبين ربه ما يمنع رؤيته ومشاهدته. وهذا ظاهر الدلالة على رؤية المؤمن ربه يوم يحاسبه، وعلى سماعه كلامه.


(١) انظر البخاري (٦/١١٠) ، وانظر ((فتح الباري)) (٦/٦١٠)
(٢) (الخفير: هو من يحمي سالك الطريق ويجيره ممن يريده بسوء.
(٣) انظر ((فتح الباري)) (٣/٢٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>