منكم ومن أئمتكم، وأنه أنصح للأمة وأشفق عليها وأحرص على هدايتها، وسد طرق الكفر والضلال عنها، منكم ومن غيركم، وأنه أعلم بالله وما يجب له وما يمتنع عليه، وأنه أخشى لله وأتقى له، فمع ذلك يمتنع أن يتكلم بما ظاهره الكفر والضلال، أو بما يؤدي إلى الباطل، بل كلامه فيه الهدى والنور والعصمة من الضلال والانحراف لمن آمن به واتبعه.
بخلاف كلام غيره من الناس فإنه لا بد من عرضه على قول الله وقول رسوله، فإن وافقه قبل، وإلا رد على قائله.
فالحق قطعاً فيما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس في قول من خالفه ممن يتلقى عقيدته عن أهل الكلام والفلسفة المبنية على آراء الرجال وتخرصاتهم.
وأما الجواب المفصل: فمن وجوه:
أحدها: أن ما قالوه خلاف ظاهر النصوص، كما صرحوا بذلك، وليس في اللفظ المذكور ولا في غيره مما جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على ما قالوه.
ومعلوم أن صرف اللفظ عن ظاهره يحتاج إلى دليل يدل على ذلك، وإلا صار التأويل تحريفاً وتلاعباً.
أما ما يدعون من قرينة دلالة العقل، فمجرد دعوى تفتقر إلى برهان، والحق أن العقل يدل على ما دل عليه نص الشرع.
الوجه الثاني: أنه قال: ((وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)) ، ومن المعلوم أن الكبرياء من صفات الله - تعالى - ولا يجوز للعباد أن يتصفوا بها، فقد توعد الله المتكبر بجهنم، كما قال تعالى َ {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينََ}(١) .