للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جل وعلا – في مقابلة الرائين من عباده المؤمنين، فهم يرونه من فوقهم، كما صرحت به النصوص، ولا محذور فيه.

وأما اللوازم الباطلة، التي يدعيها المعتزلة وغيرهم، فهي منتفية عن الله – تعالى -.

ونحن نستفسر منهم: ما هو مرادكم بكونه مقابلاً للرائي؟ هل تريدون أنه لا بد له من مكان يحويه ويحيط به؟ فإن كان هذا ما أردتم، فالله – تعالى – له مكان هو فوق عرشه، ولا يحيط به شيء، ولا يحويه شيء – جل وعلا – وهو أكبر من كل شيء وأعظم، فهو – تعالى – يطوي السماوات كلها بيمينه، ويقبض الأرض كلها بيده الأخرى، وتكون كالخردلة في يد أحدنا، ولله المثل الأعلى.

قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (١) .

وأما التحيز، فإن أردتم أن الله مختلط بخلقه لئلا يلزم أن يكون متحيزاً، فنحن نكفر بقولكم هذا، ونتيقن أنه باطل، والنصوص من الشرع ترده، وكذلك العقل يرده.

وإن أردتم أن الله لا حقيقة له تميزه عن خلقه، فكذلك هذا كفر وضلال.

وإن أردتم أن الله – تعالى – متميز من خلقه، وأنه بائن منه، فهذا حق، والنصوص فيه أكثر من أن تحصى، وهو ما يعتقده المسلمون ويؤمنون به، واتفق عليه سلف هذه الأمة وأئمتها قبل ظهور المعتزلة والفرق الضالة، ومثل ذلك يقال في الجهة.


(١) الآية ٦٧ من سورة الزمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>