للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنهي عن الاعتداء والإفساد في الأرض بالمعاصي، ثم أمر تعالى بدعائه خوفاً وطمعاً، وهذه حال المتقين، الذين أحسنوا في أعمالهم، وأحسنوا إلى عباد الله بالنصح لهم، وإصلاح الأرض بالطاعة، والبعد عن مساخط الله التي هي الإفساد في البلاد والعباد، وهؤلاء هم المحسنون الذين قريبة منهم رحمة الله - تعالى -، ومنها الجنة.

قال ابن جرير: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} يقول جل ذكره: إن ثواب الله الذي وعد المحسنين على إحسانهم في الدنيا قريب منهم، وذلك هو رحمته؛ لأنه ليس بينهم وبين أن يصيروا إلى ذلك من رحمته وما أعد لهم من كرامته إلا أن تفارق أرواحهم أجسادهم.

ولذلك ذكَّرَ قوله: ((قريبٌ)) وهو خبر عن الرحمة، والرحمة مؤنثة؛ لأنه أريد به القرب في الوقت)) (١) .

وقال ابن كثير: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} أي: إن رحمته مرصدة للمحسنين الذين يتبعون أوامره، ويتركون زواجره، كمال قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} (٢) .

وقال: ((قريب)) ولم يقل قريبة؛ لأنه ضمن الرحمة معنى الثواب، أو لأنها مضافة إلى الله.

وقال مطر الوراق: ((استنجزوا موعود الله بطاعته، فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين)) رواه ابن أبي حاتم (٣) .

****


(١) ((تفسير الطبري)) (١٢/٤٨٨) ط: المعارف.
(٢) الآية ١٥٦ من سورة الأعراف.
(٣) ((تفسير ابن كثير)) (٢/٢٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>