للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الجملة وهي قوله: ((فقال الله للجنة: أنت رحمتي)) هي الشاهد للباب، فالجنة قريب من المحسنين، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك.

ثم قال: ((ولكل واحدة منكما ملؤها)) وهذا وعد من الله – تعالى – لهما بأن يملأهما بمن يسكنهما، وفي هذا إشعار بأنهما يرغبان ذلك، وقد جاء الطلب من النار صريحاً، كما قال تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (١) } ، وأقسم الله – تعالى – ليملأن جهنم من الجِنَّةِ والناس أجمعين)) .

فهما يمتلآن من بني آدم ومن الجن.

فمن آمن وعبد الله وحده، واتبع رسله، فمصيره إلى الجنة، ومن عصى وبغى، وطغى، وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى.

قوله: ((فأما الجنة، فإن الله لا يظلم من خلقه أحداً، وأنه ينشئ للنار من يشاء فيلقيهم فيها)) ، وتقدم حديث أنس في باب قول الله – تعالى -: {هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا يزال يلقى فيها وتقول: هل من مزيد، حتى يضع فيها رب العالمين قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض، ثم تقول: قد قد بعزتك وكرمك.

ولا تزال الجنة تفضل حتى ينشئ الله لها خلقاً، فيسكنهم فضل الجنة)) (٢) .

وفي ((صحيح مسلم)) في هذا الحديث قال: ((فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله – تبارك وتعالى – رجله، تقول: قط قط قط، فهناك تمتلئ، ويُزْوَى بعضها إلى بعض، ولا يظلم ربك من خلقه أحداً.


(١) الآية ٣٠ من سورة ق.
(٢) انظر الجزء الأول من هذا الشرح (ص١٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>